نوايا معلقة - بين اتساع الاحتمالات وضيق الهدف (دراسة نقدية)



نوايا معلقة -  بين اتساع الاحتمالات وضيق الهدف

ديوان نوايا معلقة ، للشاعر الشاب انس ابو عريش ، هو العمل الاول لابن جامعة بير زيت ابن  التسعة عشر عاماً ، علق فيه آماله واحتمالات لابداع قادم ، في آخر أنفاس العام الماضي صدر ليمنح شاعره  مساحة وطريقاً معبداً باللغة لانجاز قادم .

وابدأ هنا بمفارقة في تعليق صديق أخبرني أن هذا العمل لا يمكن أن يكون إلا من شاعر تخصصه قريب من المجال العلمي ، هذا التخمين الصحيح جعلني أفكر أكثر ، أولا في طبيعة الخيال الذي كان أوسع من تجربة لغوية فقط ، والسياق الذي كان يقودك إلى حقيقة ما دون اللجوء الى التجربة وربما في هذا اقتباس ما من التخصص ، فبرغم خضوع حقائق الشاعر لتمحيص الاحتمالات إلا أنها اقتصرت على المنحى الجمالي ، بينما كانت النتائج واضحة وبدون اللجوء الى وصف التجربة كما أسلفت ، لكن هذا الخيال الشاسع لم ينقص من دور اللغة في كثير من النصوص والتي استخدمها الشاعر بطريقة ملائمة على الأغلب للخيال الواسع لكن مع فجوة كبيرة بين الأفكار . فقد اعتمد الشاعر بشكل أساسي في شد القارئ على التراكيب أما عن  اللغة فكانت لغة سلسة ذات ايحاءات وتركيبات خاصة ، تركيبات أضفت عامل المفاجأة على السياق ، لكنك تشعر وكأنك تحوم في حلقة مفرغة بعيداً عن فكرة واسعة  ، وربما فكرة أبعد ما تكون الى ذهن القارئ ،ما يشتت تفكيره ويشعره بذبذبة في جذبه نحو النص أحيانا ، لكن ما يلفت أكثر كيف لشاعر بتسعة عشر عاما أن يبتكر لغة خاصة به ، وأسلوبا مميزاً بعيداً عن الكتابة على أكتاف أسلوب خاص لشاعر ما ، وهذه نقطة مهمة تحسب للشاعر وخاصة في هذه المرحلة ، حيث يعد السقوط في هفوة التقليد الخارج عن الوعي من أكبر الهواجس التي تواجه أي من الشعراء الشباب ، لكن موسوعة الشاعر المصطلحاتية ساعدته في النهوض بنهج خاص ، لكن وفي نفس  الوقت ومجدداً فإن زخم التراكيب لم يغن عن الفكرة التي بدت خافتة في أغلب نصوص الديوان



ومن ناحية أخرى فإن النظر الى العمل في حيز مكاني يضعنا وجهاً لوجه أمام تساؤلات عديدة أهمها حول الفرق في المستوى بين القصائد الذي كان في تفاوت واضح جدا ، وربما يعود هذا التفاوت في المستوى إلى أن الفترة التي ولد فيها هذا العمل هي فترة يطغى عليها الطور البنائي وتكون مرونة المستوى فيها عالية جداً وربما في هذا دليل على التطور السريع في أداء الشاعر ، وهذا بدوره يفتح لنا باباً اخر لأسئلة أكبر ، هل كان قرار النشر في هذا الوقت بالذات قراراً صائباً ، أم أن فيه من التسرع ما سيشعر الشاعر بالندم في مراحل متقدمة ، لنترك لموضوع للزمن !




عز الدين التميمي

شاركني رأيك

إذا كنت لا تملك حساباً على الفيس بوك أو لا ترغب بالتعليق باستخدام حساب الفيس بوك بامكانك نشر تعليقك باسم مجهول
لن يتطلب منك ذلك إدخال أي معلومات عنك
إختر من القائمة المنسدلة مجهول

.

أهلا وسهلا بكم في مدونة التوأم أنس ومالك أبو عريش، نرحب بتعليقاتكم وتفاعلكم معنا