الفلسطيني يقول لا بأي طريقة - بقلم: مالك أبو عريش
منذ أيام عدة، نشرت وسائل الإعلام العربية والفلسطينية خبر فوز فيلم المطلوبون الـ 18 للمخرج عامر شوملي بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان أبو ظبي للأفلام الوثائقية للعام 2014.
تدور أحداث هذا الفيلم حول 18 بقرة اشتراها سكان بيت ساحور قرب بيت لحم، من أجل الاعتماد عليها في الحصول على الحليب ومشتقاته في محاولة منهم للتخلص من التبعية للسياسة والإقتصاد الإسرائيلييْن، لتشكل هذه البقرات الـ 18 خطراً على أمن اسرائيل مما دفعها للبحث عنها.
كانت تلك وسيلة الفلسطينيين قبيل الانتفاضة الأولى في طلب حريتهم، والتعبير عن غضبهم تجاه السياسات الإسرائيلية.
**
بعدها بعشرة سنوات، لم تدرِ إسرائيل كيف بدأت خلايا حركات المقاومة في غزة بتصنيع العبوات الناسفة، كما لم تدر كيف وصلت الحركات الفلسطينية إلى تصنيعها بسهولة فيما بعد، رغم فرض جيش الإحتلال لحصار خانق يمنع الهواء النقي من الدخول، وما حقق المفاجأة هو استطاعة المقاومة من الإنتصار في ثلاثة حروب من خلال هذه الإمكانيات البسيطة.
معظم البيوت الحدودية كانت مفخخة بالعبوات، كما ظهر لاحقاً ومن خلال وسائل الإعلام، كل الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية إلى القرى الفلسطينية الحدودية كانت مفخخة، وعلى استعداد تام لتفريق جسد جندي صهيوني عندما تمر مركبته بالقرب من هذه العبوات، لذلك لم تستطع القوات الإسرائيلية – على تطور تكنولوجيتها – من الوصول إلى قلب المدن أو تجاوز المناطق الحدودية إلا من خلال طائراتٍ ترمي بثقلها وتعود أدراجها.
كانت تلك وسيلة الفلسطينيين خلال مرحلة ما بعد الانتفاضة، وحتى أيامنا هذه في طلب حريتهم، والتعبير عن رفضهم للسياسات الإسرائيلية.
**
بُعيد اعتقال وقتل المستوطنين الثلاثة في الخليل في حزيران الماضي، شنت اسرائيل عملية كبيرة ضد كل ما هو فلسطيني في الضفة الغربية، واقتحمت كل المدن دون استثناء، وكانت بطبيعة الحال تشتبك مع المواطنين الغاضبين الذي يقذفونهم بالحجارة.
عندما تمر بأحد الشوارع في رام الله أو بيت لحم، سواءً كان تمويلها من الـيو أس إيد أو غيرها، فلن ترى حجراً واحداً في الشارع، ولكن مع مرور قوات الإحتلال في تلك العملية منها، كان الفلسطيني ينحني فتنبت الأرض حجارة، يحملها الشاب الفلسطيني ويقذف بها جنود الاحتلال، وقد عبّر عدد من الناشطين عن استغرابهم من ظهور هذه الكمية من الحجارة في الشوارع فقط أثناء وجود جنود الاحتلال هناك.
**
وحتى الأسير الفلسطيني، كان مقيد اليدين والقدمين، ومغمى العينين، ومرميٌ في العزل الإنفرادي، ولكنه تجاوز هذه التحديات، وتحرر من الإعتقال الإداري رغماً عن أنف السجان، في حادثةٍ تُعد تاريخية، ستبقى وصمةَ عار على جبين “الشاباص”، بعد أن خاض الإضراب المفتوح عن الطعام، حتى تحققت مطالبه.
كان هذا أسلوب الأسير في رفض السياسات الإسرائيلية بحقه، وصرخة منه في وجه إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية.
**
في أيامنا هذه، ضاق المقدسي ذرعاً نتيجة السياسات الإسرائيلية التي تتبعها اسرائيل في القدس، فالضرائب ترتفع مع مرور الوقت على المواطن العربي، والمقدسات الدينية تحاصر، مع كتم متعمدٍ لأي صوتٍ عربي، وخنق المظاهر العربية والإسلامية في جسد القدس، لم يجد المقدسي طريقة ليعبر بها عن رفضه فابتكر أسلوبه الخاص.
عملية الدهس التي نفذها الشهيد ابراهيم عكاري وقتل خلالها ضابط شرطة اسرائيلي ومستوطن آخر، وعمليات دهس أخرى جرت في وقت سابقٍ في مدينة القدس من قِبلِ فلسطينيين، كانت هي أيضاً محاولة منه للتعبير عن رفضهم للسياسات الإسرائيلية، وصرخةً في وجه محتل غاصب، يعتدي على البشر والحجر في أقدس بقاع الأرض.
**
ضع الفلسيطيني في أي ظروف تريدها، إنه بكل حالٍ من الأحوال لن يعدم طريقةً يعبر من خلالها عن رفضه وغضبه من السياسات الإسرائيلية، وسوف لن يجد مشكلة في ابتكار شيء لم يخطر على بال أحد من أجل أن يقول لا في وجه سارقي الحياة من عيونه.
5\11\2014
http://www.ramallah-today.com/news/1595